رجال ....................الصدق

لن أكتب عن قرارات الرئيس محمد مرسي الأخيرة التي اختلفت الآراء حولها.
ولن أكتب عن أحداث محمد محمود والتي لا نعرف حقائقها وخفاياها. ولن أكتب
عن معارك الإسلاميين والليبراليين والتي أدخلتنا وستدخلنا في متاهات
ومغارات لا يبدو أننا سنخرج منها أبداً!!
ولكن أكتب عن رجال في الشارع. يعملون في صمت. يستحقون التحية ويمثلون الأمل في أن تظل هناك دولة وأن يكون هناك عمل وإنتاج..
فطوال عامين منذ انطلقت ثورة 25 يناير التي نجحت بتوفيق من الله
سبحانه وتعالي بعيداً عن جهود أو قدرات جماعة أو حزب. ونحن منذ ذلك
التاريخ في جدال عقيم ومعارك كلامية بين النخبة من المثقفين وقادة الرأي
لتبادل الاتهامات واصطياد الأخطاء بحيث فقد الرأي العام الثقة في الجميع.
وبحيث تولد شعور من اليأس والإحباط. والخوف بعد أن كان هناك تفاؤل وأمل في
مصر الحديثة التي ستستعيد أمجاد الماضي.
وفي هذه الأوقات التي ضاعت فيها ملامح الطريق واختلطت كل الأوراق
والمفاهيم فإن هناك رجالاً ظلوا في مواقعهم يقدمون العطاء لمصر ويبذلون
الجهد لحل مشاكلها والتيسير علي أهلها..
رجال يتقاضون
القليل. ولكنهم يقدمون لمصر الكثير. فهم يقدمون لها الحياة..
وهؤلاء وغيرهم في الحقول. وفي المصانع. وفي الشوارع. وفي كل مكان من
أرض مصر الطاهرة يتساءلون جميعاً.. وماذا بعد؟!.. ماذا يراد لهذا
الوطن؟!.. وإلي أين نمضي ونسير؟!
إن السؤال الذي يتردد في كل مكان وعلي كل الألسنة في مصر حالياً هو السؤال الذي لا يملك أحد إجابات واضحة له: مصر رايحة علي فين؟!
وهو تساؤل كلما اعتقدنا أن هناك ملامح إجابات له وجدنا أن هناك من يضع
العراقيل أمام إمكانية استقرار الدولة وعودة هيبتها وكيانها والتحرك نحو
الأمام.
فبعض الذين خسروا المعركة الانتخابية الرئاسية تحولوا إلي قوي للهدم
وطابور خامس يهدم ويشوه ويثير المخاوف والأقاويل. ويرفض أن يكون في خندق
المعارضة الوطنية التي تبني ولا تخرب. والتي تصون ولا تبدد..
وساعد في ضياع ملامح الطريق فضائيات مجهولة الهوية والتمويل. انطلقت
في سباق محموم لتضخيم السلبيات ولاصطياد أي تجاوزات ولتحجيم كل مسئول أو
قيادة..
كانت النتيجة أن الجميع أصبح مرتبكاً وحائراً ومتردداً في اتخاذ أي قرار ووضع أي سياسات.
وأصيبت الحكومات التي جاءت بعد الثورة التي كان مفترضاً بها أن تقود
عملية إعادة البناء بما يشبه الشلل. فقد افتقدت الحزم والحسم في القرار.
وانصاعت ورضخت للضغوط والأهواء والتوازنات. ومحاولة إرضاء كل القوي
السياسية. فلم ترض في النهاية أحداً. ولم يكن لها من بصمات أو آثار. إلا
محاولة إعادة الأمن للشارع. وهو أمر لم تنجح فيه كثيراً أيضاً. لأن
الانفلات في الشارع المصري أصبح علي كل المستويات وفي كل مكان.
وأمام هذا التردي والضعف. فقد جاءت الاحتجاجات الفئوية والمطالب
النقابية والعمالية والسياسية لتضيف إلي الساحة السياسية بعداً آخر من
الانفلات وضياع هيبة الدولة التي لم يكن في مقدورها الاستجابة لكل هذه
المطالب ولم يكن في مقدورها أن ترفضها أيضاً. فرضخت لضغوط كانت أشبه
بالابتزاز وأضافت إلي خزينة الدولة أعباءً جديدة في وقت يتراجع فيه الدخل
والإنتاج. حيث أصبحت المرحلة تتسم بالبحث عن المزايا والمكاسب التي أراد
البعض تحقيقها دفعة واحدة بعد انتظار طال عقوداً من الزمان..
ولا يمكن في هذه الأجواء الضبابية أن نجد إجابة واضحة للتساؤل الذي
تطرحه مصر كلها. والمتعلق بأين تتجه؟.. لأن هناك حالة من التربص والتوثب
يستحيل معها التفرغ للعمل والتفكير في المستقبل. وهناك حالة من الانتهازية
السياسية في صفوف بعض السياسيين ومحترفي الأزمات تجعل من الصعب التوصل إلي
أي توافق وطني محتمل.. وهناك حالة من العداء التاريخي بين بعض هذه القوي
يستحيل معها التوفيق بينهم في أي مرحلة من مراحل العمل الوطني.. ولأن هناك
أيضاً رفضاً مسبقاً لأي قرار أو توجه. فإنه لهذا كله تبدو الصورة قاتمة
إلي حد ما. وتصبح معها الإجابة علي التساؤلات الخاصة بمستقبل الوطن بالغة
الصعوبة والتحقيق.
ولكننا لن نفقد الأمل.. فهذا بلد يحرسه الله سبحانه وتعالي. وهذا بلد فيه من المخلصين والعقلاء من يستطيعون إيجاد الحلول لأزماته..
وهذا بلد فيه رجال في كل مكان يعملون في صمت.. ويؤدون الواجب بكل
إخلاص.. ولولا وجودهم لما كان هناك رغيف خبز نأكله. ولا طريق نسير فيه.
ولا حياة نحياها.. إنهم رجال مصر الذين يستحقون التحية.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

رجال ....................الصدق

رجال ....................الصدق

رجال ....................الصدق :: تعاليق