حالنا ...............الان

* * ماذا يحتاج المواطن "مصري" أكثر من ذلك ليثبت بطولته ومقدرته في السباحة ضد التيار.. كيف يجد الوقت ليؤدي ما عليه تجاه نفسه وأسرته.. وقد سدت عليه المنافذ.. تحالفت عليه السلبيات والمشاكل.. أو لنقل الاختبارات.. التي ما يكاد يجتاز أحدها بأقل أو أكثر الأضرار.. فلا يجد الفرصة ليتنفس الصعداءلأن المجهول يطارده في الشارع أو العمل.. وحتي إذا ما حالفه الحظ.. وخطط لسويعات من الراحة في المساء فالفضائيات تتربص به.. بالحيرة والتناقض والمعلومات المشوشة.. والآراء المستخلصة علي الشريط الأحمر أسفل الشاشة.. ويلاحظ في الصباح ان مساحة النفي لما سمعه في الفضائيات أو أذيع علي الفيس بوك أو شريط الفيديو المبتسر علي تويتر.. تأكد عدم صحته.. وتزداد مساحة النفي لتجد في مكان قريب.. تحليلات وتخريحات تعتمد علي مصداقية الخبر المنفي!!
* * المصري الذي عاش آلاف السنين في هدوء وسكينة بجوار النهر وفي حمايته.. وتعود علي انتظار الرزق القادم من السماء.. أو الخيرات الممتدة جذورها لأعماق الأرض.. تشكلت ثقافته علي الشهامة والمروءة والود والتعاون مع الجيران.. والشراكة النبيلة في السراء والضراء.. هذا المصري أصيب بداء العجلة والتسرع والاندفاع وسهولة الاستثارة والاحتقان.. يفقد أعصابه مع أول "شبورة" خلاف وربما لسبب تافه.. وتتجدد صفحات الحوادث والقضايا بسيل منهمر من الجرائم الغريبة عن المجتمع وطبيعته.. تقاليده وأخلاقه.. ناهيك عن قطع الطرق وحرق المنشآت العامة وتعدد مطالب.. محلك سر.. أو للخلف در.. التي لا تتوقف.. تحت لافتات المليونيات والاعتصامات والاحتجاجات ودعوات العصيان المدني.. وتتجاوزها إلي إحياء ذكري لأحداث يراها البعض تدخل تحت بند القصاص.. ولا يدركون ان الاستمرار في هذا الطريق المليء بالمولوتوف والديناميت والخرطوش يصل بنا إلي انهيار.. للوطن ومؤسساته لا نرضاه ولا نقدر علي مواجهة تبعاته.
* * ووسط هذه الرياح السوداء.. نتوقف عند ظاهرة تمنيناها طويلا.. وسألنا علماءنا وخبراءنا الدعوة لتطبيقها واعتمادها عندنا.. لأنها عند الآخرين مظهر للرقي والحضارة والمساواة والعدالة. الخ.. ونقصد بها الطوابير التي تتجمع تلقائيا.. عند تزايد عدد طلاب الخدمة أو السلعة علي محطات الأتوبيس والمواصلات العامة.. وفي السوبر ماركت والمجمعات الاستهلاكية.. ومكاتب السفر والمطارات والموانيء. الخ.. ليحصل كل شخص علي حقه وحاجته بأولوية الوقوف في الطابور.. وإذا ما حدث ووصل بعد نفاذ الكمية.. خرج مستسلماً.. مؤجلاً حاجته لحين ورود كميات أخري.. لا يلجأ للسوق السوداء ولا يفكر أبدا في التعامل معها.. لأنه عارف بأبعاد اللعبة الاقتصادية واثق من أن تعويضه قادم في الطابور القادم.. وان آليات وضوابط المجتمع لا تسمح أبدا بالعبث بالعدالة الاجتماعية.. وكم كنا يبهرنا ما نراه في الخارج من مساواة في الطابور بين الوزير والخفير.. وطالما كتبنا عن التزام المصري خارج الوطن بأصول الطابور.. ولكنه للأسف بعد العودة للوطن يتحول إلي شخص آخر.. متمرد.. يبحث عن الواسطة والاستثناء.. ويعتبر التسيب سلوكاً مسموحاً به.. ضد تعنت الحكومة وظلمها للعباد.. وانقسمت تجربة الطوابير في مصر اليوم إلي جزءين الأولي هادئة ومعترف بها دون مشاكل.. والأخري متفجرة متوحشة.. مليئة بقنابل زمنية من الاحتجاجات والمشاحنات.. يتصدر المشهد فيها للأسف.. تصريحات يعتبرها الناس وهمية علي أرض الواقع.. لأنها تتحدث عن توفر سلعة غير موجودة.. ومجموعة من البلطجية ونهازي الفرص الذين يحصلون علي ما يريدون من بنزين أو سولار أو مازوت في جراكن.. ينتظرها زبائنها علي بعد خطوات من محطات الخدمة.. ولا نلومهم وحدهم بل تقول مصادر موثوقة.. ان بعض أصحاب المحطات ومديرها.. يوجهون عمالهم للبيع للمواطنين العاديين بأكثر من السعر المعلن خاصة في البنزين 80 الذي لايزال مدعوماً ورخيصاً.. والمواطن الذي ضاع وقته.. وربما عجز عن قضاء مصلحته.. وهو أيضا يواجه تداعيات دورة اقتصادية مستحدثة.. فالمعلوم ان محطات الخدمة مكسبها الأساسي من الزيوت والتشحيم وغسيل السيارات.. وبيع الكماليات أو خدمات الكافتيريا السريعة ولكن الأزمة تفتح باب الرزق المستغل من السوق السوداء وبالإضافة لذلك فإن الكثير من العاملين بها يعتمدون في دخولهم علي البقشيش السخي من أصحاب السيارات.. مما يضيف أسباباً واقعية لنمو السوق السوداء.. ناهيك عن ان عمليات التهريب للوقود علي قدم وساق..
* * وإذا كانت أزمة البنزين 80 محدودة الأثر.. تتمثل في طوابير ممتدة.. واحتمالات متناقصة للحصول علي 20 لترا تضيع غالباً في زحام المدينة وتكدسها.. إلا أن السولار أكبر حجماً وتوحشا.. ولنا أن نلاحظ الطوابير غير الطبيعية للأتوبيسات والميكروباص والنقل الثقيل.. والسيارات الأخري المتعطشة للوقود والقادمة من الأرياف.. لأنها تعمل جميعا بالسولار.. ناهيك عن احتياجات الفلاحين المتزايدة لتشغيل آلات الري والحصاد وبالطبع فالتكاليف الإضافية للحصول علي السولار تضاف علي المستهلك المسكين.. بل ان آثار سوء توزيع السولار.. كما يعتقد الخبراء وليس نقص الحصص.. قد عرقل القضاء علي الجراد القادم من الجنوب.. واحتمالات الأزمة قائمة لأننا لم ننفذ برنامج الاحلال بالغاز الطبيعي علي النحو المؤثر حتي الآن ولم نقض علي تعطيش السوق المقصود.. بالرغم من فتح باب الاستيراد للبوتاجاز.. والسولار والغاز الطبيعي والبنزين أيضا.. وربما لم ينتبه أحد لعجز معامل التكرير القديمة.. ومضاعفة انتاجها إلي الوفرة التي تعيد التوازن.. بالإضافة إلي اقتراح عاجل بإرسال شاحنات سولار إلي الريف لتفي باحتياجات الزراعة وتربية الحيوانات ومزارع الدواجن.
* * أما الاختناق الذي نلمسه في الشوارع نتيجة لطوابير السيارات المنتظرة للتموين بالسولار فحدث ولا حرج لأنه يغلق تقريبا محاور العاصمة القديمة.. ويؤكد خطأ التركيز علي مد محطات رمسيس وعرابي والشوارع الرئيسية بالسولار.. وكان الأولي توزيع الكميات علي محطات الطريق الدائري والطرق خارج الكردون القديم لأنها تتحمل هذه الطوابير وهذا الزحام.. والغريب في كل الأحوال تلك التصريحات للمسئولين عن علاج الأزمة أو شكوي أبطالها من مستخدمي السولار.. دون أن نسمع رأي أي منهم في ماهية الحل الرشيد.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

حالنا ...............الان

حالنا ...............الان

حالنا ...............الان :: تعاليق