- خيط رفيع لكنه قوي كالفولاذ يربط بين أزمة الألتراس وأزمة الإسلام السياسي.. خيط قد يبدو لا وجود له لمن لا يدقق ويتمعن ويحلل المشهد المصري هذه الأيام.. لكنه موجود وقوي بل أكاد أزعم أنه الأكثر تأثيراً علي المشهد في الفترة الأخيرة.
- "الإسلام السياسي" عبارة جميلة تعطي معني جميلاً ونبيلاً في أن تكون السياسة وهي لعبة الكذب والتضليل والخداع أحياناً كثيرة - بعيداً عن مضمونها العلمي - مرتبطة بالإسلام كدين يدعو للصدق والإخلاص والتسامح والمصلحة العامة.. هذا المعني النبيل في عبارة الإسلام السياسي وأن يكون العمل السياسي لوجه الله أولاً.. وعلي طريق الله ثانياً وبوسائل شرعها الله ثالثاً.. ولأهداف ترضي الله رابعاً.. وتحقق الغاية التي حددها الله في الإسلام خامساً.. هذه العبارة الجميلة عندما اصطدمت بالواقع أكدت أن الأفكار والرؤي الرائعة والنبيلة والجميلة ليست وانما هي الحقيقة التي نريدها.. وأن السياسة برداء الإسلام.. لا تختلف كثيراً عنها بأي رداء آخر لأنها مجرد شعارات براقة لجذب المريدين والمشتاقين لحكم الله ورضا الله سبحانه وتعالي..!!
- نفس المعني النبيل لكلمة الألتراس.. كتشجيع رياضي وخاصة في ملاعب الكرة.. فالتشجيع وحب ناد ما.. والإحساس بروح فانلته شيء جميل بل ورائع.. وكلنا نعشق الرياضة ونحب أحد الأندية ونشجع اللعبة الحلوة والفوز لفريقنا.. ولكن.. المعاني الجميلة وحدها لا تكفي.. والتشجيع المثالي لم يعد مثالياً.. بل مع تحول الرياضة إلي تجارة واستثمار.. والارتفاع الرهيب في أسعار اللاعبين والمدربين.. تحول التشجيع إلي مؤسسة وظهرت مؤسسة الألتراس بدون تنظيم حقيقي.. لكنها منظمة ومرتبطة الكترونياً من خلال الإنترنت والفيس بوك.. وإذا كان مفهوم الألتراس عالمياً هو الروح المقدامة المثابرة التي تعمل من أجل هدفها في صمت وتبذل كل الجهد من أجل هذا الهدف.. فإن هذه الروح المقدامة المثابرة المجاهدة لا يمكن أن تعمل بيد واحدة لذلك كان لابد أن يجمعهم عمل مؤسسي وتربطهم رابطة قوية.. لكن.. وكما قلت عن الإسلام السياسي ذي الأهداف الرائعة والنبيلة في الفكر والرؤي.. فإن الواقع يقوم دائماً بدور "الكشاف" الذي يكشف الحقيقة الغائبة عند التطبيق.. لذلك انكشفت سلبيات عديدة للألتراس كان أهمها ما حدث بعد حكم المحكمة بشأن جريمة مذبحة بورسعيد.. وما حدث من حرائق لا مبرر لها ولا معني..!!
- أعود للإسلام السياسي.. وكيف أنه لا يختلف عن السياسي غير الإسلامي في كل شيء سوي الشعار.. والهدف.. لكنه يستخدم كل الوسائل والإدارات والآليات التي يستخدمها غيره.. لذلك كانت أزمته عندما عاش الواقع وتسلم مقاليد كثيرة من الأمور فبدت السلبيات التي لم يتوقعها أحد من تيار سياسي يعمل باسم الإسلام.. ففضيلة التسامح مثلاً وهي الفضيلة الإسلامية الرائعة التي ظهرت واضحة جلية في معاملات رسولنا الكريم - صلي الله عليه وسلم - مع خصومه لم تكن أبداً من فضائل الإسلام السياسي علي سبيل المثال.. وهناك أمثلة أخري عديدة.. ومن هنا كانت أزمة الإسلام السياسي علي الأقل علي مستوي المثقفين والمتعلمين وهذا ما كشفت عنه نتائج انتخابات الاتحادات الطلابية بالجامعات حيث تراجع فوز مرشحي جماعة الإخوان المسلمين بشكل واضح.. وهو الأمر الذي لا يمكن أن نؤكد علي حدوثه في الشارع لأن الشارع المصري يختلف في بعض الأمور والتأثيرات عن الطلاب وإن كان طلاب الجامعات مؤثرين في الشارع لكنهم ليسوا أصحاب التأثير الوحيد..!!
- ومن الإسلام السياسي إلي الألتراس مرة أخري لنربط بين الأزمة هنا والأزمة هناك حيث وجدنا الألتراس في المعترك السياسي.. صحيح أن ذلك كان مقبولاً في أحداث الثورة لأن الشعب كله كان شريكاً في الثورة.. ولأنه لا فرق بين جماعة أو حزب أو شارع أو مدينة أو مجموعة في ميدان التحرير.. الكل كان يشارك في الثورة باسم مصر وباسم المصريين.. ولكن الآن محاولة تسييس الألتراس.. هي الأزمة.. وإذا كان شباب الألتراس يؤكدون في كل حين أنهم ليسوا سياسيين ولا ينتمون لحزب سياسي.. لكنهم في المقابل يتخذون مواقف سياسية وتلك هي المعضلة التي لا حل لها لأنهم يرفضون النقد ولا يرون مبرراً للتراجع.
- والألتراس كظاهرة موجودة بالفعل في الشارع أصبحت في حاجة إلي تقييم وتقويم.. ولابد أن تكون جماعة أو رابطة واضحة المعالم.. وهو نفس الحال في العمل السياسي أو الاجتماعي باسم الإسلام.. أو باسم المسيحيين.. وهو ببساطة استقلال الدين - أي دين - في العمل السياسي أو استغلال التشجيع وحب الرياضة وحب النادي - أي ناد - في أمور سياسية أو أحداث مجتمعية بعيداً عن الرياضة..!!
- الإسلام السياسي يحتاج إلي إعادة تقييم ذاتي فعظمة الإسلام أنه قابل للتطبيق في كل زمان ومكان لأنه يقدم مباديء وأسساً وقيماً ولا يتدخل في التفاصيل المتغيرة.. وإذا لم يقم رجال وقادة الفكر في الإسلام السياسي بكل توجهاته بعملية النقد الذاتي والمراجعة الفكرية السريعة لتتواءم مع الواقع وتكون قابلة للتنفيذ فإن الأزمات ستحاصره.. وبالتالي ستحاصرنا.. وتكون الأزمة طاحنة.
- وعلي الألتراس أن يراجع نفسه أيضاً وأن يكون هيئة أو رابطة رسمية مشهرة لها أهداف وآليات وأدوات واضحة بعيداً عن العنف وعن التسييس حتي يظل برونقه وفلسفته ومعناه الجميل.
- عنف بأمر القانون!!
- لم أجد مبررًا واحدًا مقنعا لبيان النيابة العامة بشأن ما أثير عن حق المواطن في القبض علي مرتكبي الجرائم وتسليمهم للشرطة أو النيابة.. فإذا كان هذا الأمر منصوصًا عليه في القانون بالفعل ولا جديد فيه فما هو مبرر البيان ليظهر اليوم؟ وإذا كان لم يقدم جديدا ولم يمنح الضبطية القضائية للمواطنين فما هو السبب الحقيقي لإعلانه اليوم؟ هل نبحث دائما عن الأزمات لنشعلها ثم نبحث عن طريقة لنطفئها مرة أخري؟
- لقد بدأت بوادر أزمات في السويس وسوهاج وأسيوط وبدأ البعض يدعي أن هناك جماعات جعلت من نفسها قضاة وشرطة باسم القانون.. فعلي أي أساس تم ذلك ولو كانت مجرد شائعات تتردد هنا أو هناك فمن هو السبب في ترديد تلك الشائعات؟
- ** لماذا نشعل الفتنة- بحسن نية أو بغيرها- كلما هدأت؟ لماذا نبحث بأنفسنا عن الأزمات وكأن مصر قد خلت منها؟
- علينا جميعا أن نتصدي للخطأ ولمن يشعل الفتنة ولكن لكل منا مسئولياته.. فإذا تصدي أحدنا لبلطجي كان بلطجيا مثله ولكن عندما تتصدي الشرطة لبلطجي فهي المنوط بها تلك المهمة.. أما إذا تصدي بلطجي لأحدنا فعليه أن يدافع عن نفسه وعلينا أن ندافع عنه ونسانده لأن من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون عرضه فهو شهيد.
- ارحمونا.. يرحمكم الله.. فالأزمات انهكتنا ولم يعد بمقدور مصر أن تتحمل المزيد..!!
|
طارق العرابى- مدير المنتدى
- عدد المساهمات : 1348
تاريخ التسجيل : 17/10/2011
-
مُشاطرة هذه المقالة على:
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 17 ديسمبر 2022, 2:01 pm من طرف طارق العرابى
» النجوم الساطعه
الإثنين 05 ديسمبر 2022, 9:09 pm من طرف طارق العرابى
» اللواء صبرى محمد عبده سليمان
الأربعاء 16 نوفمبر 2022, 10:15 pm من طرف طارق العرابى
» كلمات مؤلمة
الثلاثاء 15 نوفمبر 2022, 12:55 pm من طرف طارق العرابى
» الحياه المستديره
الإثنين 14 نوفمبر 2022, 9:08 pm من طرف طارق العرابى
» أقوال مأثورة للامام
الجمعة 11 نوفمبر 2022, 11:17 am من طرف طارق العرابى
» اصل عائلة العرابى
الأحد 02 يناير 2022, 8:17 pm من طرف زائر
» بكاء الظالم
الأحد 30 يونيو 2019, 11:56 am من طرف طارق العرابى
» الشهداء أكرم منا جميعا
السبت 15 أكتوبر 2016, 3:40 pm من طرف طارق العرابى