المواضيع الأخيرة
دخول
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
المشاركات التي حصلت على أكثر ردود أفعال في الشهر
الارث ...........البائد
صفحة 1 من اصل 1
17012013
الارث ...........البائد
- عندما
تعمد الأنظمة الحاكمة إلى تنحية الدساتير والعبث بها، وإقصاء القوانين،
وتتعدّى على الحقوق الأساسية للشعوب، وتحترف كل أشكال التمييز والفساد،
والانتقائية والعدوان على المال العام، وتمارس " البلطجة" والفوضى في
الانتخابات البرلمانية، وتستبيح كل مقدرات الدولة ( نفط، غاز، أراض،
أسلحة) وتبدو وكأنها في حالة حرب مستعرة وممنهجة ضد شعوبها: هذه الفوضى
خلاقة بالنسبة لها، لأنها تؤمن لمصالحها الاستحواذ المتراكم من الثروة
والسلطة، كماً وكيفاً، وبما يطيل أمد الاستبداد، ويعيد إنتاج نفسه ولا
ينتهي إلا بالثورة عليه.
البلدان العربية تختلف من حيث قوة صمودها ومدى استجابتها للثورة، وأساليب
مقاومة السلطة، بحسب الطبيعة الديمغرافية، والبيئة السياسية الحاضنة
لنظمها: فما يصح في مصر لا يصح بالضرورة في بلد آخر. ففي ليبيا تطلب الأمر
الدخول في معارك دموية ومجازر لسببين: "الطبيعة القبلية، والتباعد
الجغرافي"، وعدم وجود نظام أصلا يمكن إسقاطه، وإنما هو منظومة عشوائية
ملتبسة ومتداخلة من الميليشيات العسكرية التي ترى ان النظام هو الدولة،
وإذا لم تسقط العاصمة لا تسقط السلطة أبداً. وفي البحرين، الطائفية سبب من
أسباب الضعف والقوة في آن معا، حيث إن الخروج على الحاكم أو دعمه قد يرتد
إلى الفئوية. واليمن كذلك قد تمارس الحروب الأهلية وحركات الانفصال، وإن
حدثت ثورة تستهدف إسقاط النظام، يقال عنها إنها من أعمال الشغب والتمرد.
بيد أن الثابت الذي يحمل نزعة مركزية مؤكدة، كباعث رئيسي على كل هذه
الثورات العربية، يكمن في موضوع "التوريث" الذي مثّل حالة سعار عربية
تملّكت الحاكم ومن في معيته، حيث تقوم فلسفة الوراثة السياسية على أن
الرعية (الشعب) ملك شخصي، وأن المواطن موظف لدى الوارث والوريث، ويؤخذ كما
تؤخذ الغنائم والأسلاب، وأن الشعب لا يختار حاكمه أو حتى ينقده، ولا يجروء
على تغييره. ولأن التوريث قد صار مشروعاً، بحد ذاته، فقد جُمد حياله تطور
المجتمعات وتعطلت البنى المؤسساتية، وتم نسف مفهوم السلطة والدولة معاً،
وجميع القواعد والنظريات السياسية المنهجية، ما يتطلبه ذلك من تعطيل
وتخريب في البنى المستنيرة، لجهة تصنيع نخبات ظلامية تقوم على أساس الولاء
والجهل والقمع والطاعة العمياء، ومكافأة الأطوع بعضوية في المجالس
النيابية أو بالتوزير في الحكومة. ومن ثم تتحول المؤسسات المعنية بالعلاقة
بين الشعب والدولة إلى مؤسسات عائلية، والحاكم العربي الهرم يسعى إلى
استنساخ نفسه بعد أن تتملكه شهوة السلطة وملذاتها، ولستر عيوب تجربته،
وللحيلولة دون محاسبته على ما فعله ببلده وشعبه ومستقبلهما، تحت شعار
تضليلي قوامه الاستقرار ومواصلة المسيرة.
التي جاءت من أجل القضاء على التوريث لم تجلب الحرية بقدر ما أنتجت معركة
بين من يظنون أنهم الورثة. ربما ما زال الوقت مبكرا على الحكم على النتائج
البعيدة للثورات، ولكن أيدلوجية العائلية في التفكير جعلت من خلفوا نظام
مبارك وبن علي والقذافي، يتعاملون مع بلدانهم وكأنها تركة أب قد مات يختصم
فيه الورثة مع بعضهم البعض، فيظهر في مصر مثلا نظام برأسين يتمثلان في
الجيش والإخوان، وفي ليبيا واليمن أمراء حرب وبقايا نظام قديم. وكذلك
الأمر في تونس على رغم قشرة من الحضارة تغلف المشهد هناك، ولكن لك فقط أن
تفكر في سجن والدة البوعزيزي مفجر الثورة التونسية وموجة الاحتجاجات التي
سادت منطقة سيدي بوزيد التي تفجرت منها عيون الثورة، وتصريحات الرئيس
التونسي المنتخب المنصف المرزوقي، وكذلك الشقاق بين الجيش والرئاسة في
تونس، لتعرف أنها معركة تقسيم تركة بين ورثة نظام قديم، معركة لا علاقة
لها بفكرة الثورة كمقدمة لميلاد مجتمع أحرار يكون فيه الناس متساوين
كأسنان المشط في إطار قانوني " المواطنة".
هنا يأتي السؤال الأكبر، هل الثقافة العربية المعاصرة بها من المفاهيم ما
هو قادر على الإتيان بالحرية كنتيجة للثورات، أم أننا نستبدل استبدادا
بآخر ؟ أي نستبدل الاستبداد العسكري بآخر مغلف بغشاء ديني متوهم؟كانت
ثورات العرب في معظمها ضد فكرة التوريث. ضد أن يورث مبارك مصر لابنه من
بعده، ثار المصريون وقالوا «مصر مش سوريا»، وما إن انتهت قصة
التوريث حتى بدأنا نشهد معركة الورثة على تقسيم تركة مبارك والتي ذهب
بعضها للمجلس العسكري بصفته وصيا على التركة وبعضها ذهب إلى الإخوان
المسلمين بصفتهم الأوصياء على المعارضة الوطنية، أو هكذا خيل لهم. لم يمت
مبارك بعد ولم ينطق ببنت شفة فقط همه أن يبرئ نفسه، ولو تكلم وترك عقلية
الفلاحين التي تؤثر السلامة لربما وضع بعض النقاط على الحروف. أزعجنا
الورثة ولم يتحدث المورث. عندما تنهار الأنظمة في كل الدنيا ينكشف المستور
ونعرف الكثير عن النظام السابق وآلياته في الحكم ولكن وبكل أسف في كل دول
الثورات لم نسمع أو نقرأ أو نرى معلومة مفيدة تقول لنا كيف كان يعمل
النظام البائد؟ إذ يبدو أن الورثة قرروا أن يحتفظوا بأسرار طريقة عمل
النظام لأنفسهم كي يمارسوا الحكم ربما بنفس الآليات ولكن بشخوص جدد ونص
قديم بلون إسلامي حتى تدار البلاد بنفس الطريقة وبدلا من محمد حسني نحصل
على محمد مرسي والسلام.
كل الاختلاف بين اليمن ومصر في طبيعة الصراع وفي تركيبة المجتمع، فإن
نتيجة الثورة في البلدين كانت إلى درجة كبيرة متشابهة، اختفاء رأس النظام
ويبقى النظام كما هو. يبدو في الحالة المصرية أن نتيجة الثورة هي مجرد
توسيع مجال الحركة للإخوان المسلمين وإعطائهم حقهم في التركة، أما باقي
التيارات فليس لها نصيب في الميراث. كان للإخوان في عهد مبارك أكثر من
ثمانين مقعدا في البرلمان، وبعد مبارك كان لديهم قبل حل المجلس أكثر من 35
في المائة من البرلمان، ومنهم الرئيس، أي أن مساحة الحرية تضاعفت بفضل
الثورة. إذن نحن هنا نتحدث عن إصلاح لنظام قديم ولا نتحدث عن ثورة بمعنى
التغيير الشامل في المعمار السياسي لوطن.
أشد المعارضين في الأنظمة الوراثية لا يستطيع أن يتصور إمكانية وجود
الدولة دون وجود الملك وأسرته! ولا يتصور إمكانية التغيير والإصلاح دون
إرادتهم السامية! ويصل الأمر لدى الشعوب في الملكيات والأنظمة الوراثية حد
الخوف غير الطبيعي من زوال الملك والنظام الوراثي، فهو بالنسبة لهم محور
وحدتهم وأمنهم، وسبب استقرار أوضاعهم، فهم يعيشون في ظل ملكهم أو أميرهم
آمنين مهما كان طاغيا ! أي أنهم يؤلهونهم من حيث لا يشعرون، ويتعلقون بهم
تعلق العبيد بأربابهم من حيث لا يعون ، ويصرفون لهم كل معاني العبودية من
حيث لا يتصورون أن هذا هو الشرك بالله .
شاهد العالم كيف تخرج التظاهرات في بعض دول الخليج، ويقوم المعارضون لا
بالتنديد بالنظام وكشف فساده، بل بتمجيده والتسبيح بحمده، والدعاء لرأس
النظام، والاقتصار فقط على نقد الحكومة ووزرائها! وهي حالة نفسية لا يمكن
فهمها إلا بدراسة طبيعة الأنظمة الوراثية وكيف يتشكل فيها وعي الإنسان
تجاه الملك أو الأمير على نحو ديني يقوم على الخوف والإجلال لهذا الإله
البشري، مهما كان هذا الإنسان ماديا ليبراليا، فضلا عن عامي أمي، دع عنك
المتدينين على اختلاف تياراتهم! ومن أوضح الأدلة على أن الملكية الوراثية
أشد أنواع الأنظمة السياسية انحرافا واستبدادا.
وقد
رأينا كيف مات ملوك وأمراء بلغت تركاتهم لورثتهم عشرات المليارات من ثروات
شعوبهم وقوتهم، ومع ذلك بقى لهم في نفوس كثير من شعوبهم التي أفقروها
وأذلوها كل حب وإجلال وتأليه! إن السر وراء ذلك هو في قيام الأنظمة
الملكية والوراثية في أصل نشأتها الفرعوني على أساس التأله البشري باسم
الملك، وارتكازه على ثلاثة أركان (الخرافة والسحر والدين)، حيث تتشكل في
ظلها ثقافة دينية وحالة نفسية، تجعل من الشعوب عبيدا في صورة مواطنين،
وتجعل من الملوك آلهة في صورة بشر متميزين،مصوني الذات، مستحقي الثناء
والمجد والمدح، فلا يتصور والحال هذه أن يكونوا مصدر الشر والظلم، بل يقع
الظلم دون أذنهم ودون معرفتهم، وكل ما تحتاجه شعوبهم هو أن تتضرع إليهم أن
يرفعوا عنها الظلم والضيم والضر، ويدفعوا عنها الفقر والشر، لينعم شعبهم
بالأمان والعدل تحت ظل عروشهم، حيث لا ظل إلا ظلهم
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
السبت 17 ديسمبر 2022, 2:01 pm من طرف طارق العرابى
» النجوم الساطعه
الإثنين 05 ديسمبر 2022, 9:09 pm من طرف طارق العرابى
» اللواء صبرى محمد عبده سليمان
الأربعاء 16 نوفمبر 2022, 10:15 pm من طرف طارق العرابى
» كلمات مؤلمة
الثلاثاء 15 نوفمبر 2022, 12:55 pm من طرف طارق العرابى
» الحياه المستديره
الإثنين 14 نوفمبر 2022, 9:08 pm من طرف طارق العرابى
» أقوال مأثورة للامام
الجمعة 11 نوفمبر 2022, 11:17 am من طرف طارق العرابى
» اصل عائلة العرابى
الأحد 02 يناير 2022, 8:17 pm من طرف زائر
» بكاء الظالم
الأحد 30 يونيو 2019, 11:56 am من طرف طارق العرابى
» الشهداء أكرم منا جميعا
السبت 15 أكتوبر 2016, 3:40 pm من طرف طارق العرابى