ماذنب المواطن معدوم الدخل

المتأمل للمشهد يجد أن أخطر ما تمر به مصر في هذه المرحلة هي حالة
الانقسام الشديدة التي ربما لم تقتصر توابعها علي القوي السياسية الفاعلة
علي الأرض فحسب ولكن وصلت كذلك إلي داخل البيوت وبين أفراد الأسرة
الواحدة.. ولم يكن أكثر المتشائمين يتوقع أن ينحرف مسار الثورة بهذا الشكل
لينفرط عقد شركاء الميدان وينقلبوا أعداء يتقاذفون الحجارة والاتهامات
ويقع بين صفوفهم مصابون وقتلي بالخرطوش والرصاص الحي!!
أعود وأكرر للمرة الألف ان الأزمة الحقيقية ليست إعلانا دستوريا أراه
ككثيرين لا يتسق وروح 25 يناير أو إعلاناً لاحقاً جاء ليهدئ الشارع فيما
لم يغادر ذات المربع.. وهي أيضا ليست مشروع دستور جديداً تم "سلقه" ويضم
عددا من المواد الخلافية غير المقبولة التي لابد ولا بديل عن التوافق
حولها.. وانما تأتي في مجملها أعراضا ثلاثة لمرض واحد.. إذ تبقي القضية
الأساسية ولب المشكلة من وجهة نظري هي معني كلمة ثورة وأسباب واستحقاقات
شعب قام بها.. فلا المعني علي ما يبدو وصل بدقة لتيار الاسلام السياسي
وعلي رأسه جماعة الاخوان المسلمين والرئيس الذي خرج من عباءتها.. ولا
الأسباب التي دفعت للثورة والاستحقاقات الشعبية المعلقة إلي الآن برهن هذا
الفصيل الذي يتشبث بصدارة المشهد السياسي انها تعنيه أو انه تفهمها ويسعي
بجدية إلي تحقيقها.
في اعتقادي كذلك ان أحد أهم أسباب ما وصلنا إليه ان أغلب أطراف
اللعبة السياسية "ميكافيليون" فيما الكلام عن الثورة وشعارات الثورة
والحديث عن الشعب ومعاناة الشعب وحق الشعب ودماء الشهداء بل وحتي الدين
وشرع الله كلها أدوات في هذه اللعبة المفرغة من الإخلاص الحقيقي لوطن
ومواطنين.
علي الجانب الآخر ومن باب ان العيب ليس في أن نخطيء ولكن العيب كل
العيب أن نتمادي في الخطأ فلابد في رأيي أن يعترف الرئيس محمد مرسي ومن
وراءه الجماعة انه ما كان هكذا ينبغي أن يبدأ حكم الاخوان.. كنت أتصور أن
يولي الرئيس الاهتمام الأول لبرنامجه الذي انتخبناه من أجله.. وحتي لو كان
مشروع "النهضة" في حقيقته "فنكوش" كما وصفه البعض أو مجرد أفكار للحوار
كما فاجأنا خيرت الشاطر.. ألم يكن من الأجدي أن نلم شمل كل القوي السياسية
والشعبية حول طرح وبدء تنفيذ مشروع قومي حقيقي فاعل بدلا من الاستعجال
بحثا عن "الغنيمة" أو الانشغال ب "تحزيم البلد" سياسيا.. ألم يكن من
الأجدي اختيار حكومة "تكنوقراط" تضم الكفاءات ولا تعني بالانتماءات
والولاءات.. ألم يكن من الأجدي التفكير أولا في حال الفقراء الذين يزدادون
فقرا والعاطلين الذين يزدادون عددا والاقتصاد الذي لا يزداد إلا تراجعا
ويحتاج إلي رؤية وتركيز لا إلي استدانة والسلف!!
صدقوني لم يفت الوقت بعد حتي وان تعقدت الخيوط وتأزمت المواقف السياسية.. فقط علينا أن نبحث عن نقطة التقاء.. نبحث عن مصر.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

ماذنب المواطن معدوم الدخل

ماذنب المواطن معدوم الدخل

ماذنب المواطن معدوم الدخل :: تعاليق