فى انتظارك .......ياقانون

هل نحن في حاجة فعلا إلي قانون للتظاهر أو قانون للتحرش.. وهل موافقة مجلس
الوزراء علي قانون التظاهر وإحالته إلي الشوري.. يحل المشكلة.. وهل نحن في
حالة الانفلات غير المسبوق نمتثل لقانون.. أو نستجيب لقرار.. أو نعمل
الدستور ونطبقه.. والإجابة عن هذه التساؤلات هو لب القضية.. لأننا من أفضل
الشعوب التي تتحدث ولا تفعل.. تقنن ولا تلتزم.. تصنع الدساتير وتسير
عكسها.. وعلي مر الأجيال لم تكن العبرة في التشريع.. وإنما الأهم الالتزام
والتنفيذ.. فنحن لدينا قانون يجرم إشغال الطريق ولو بنسبة 5%.. لكن
الخارجين عن القانون يشغلون كل الطريق بلا حساب.. الباعة الجائلون احتلوا
الميادين والأرصفة وسدوا شوارع بأكملها بلا رادع.
لدينا قانون يجرم أي مخالفة بمترو الانفاق ورغم ذلك تحول إلي ساحة
للتسول والبيع والتسوق سواء داخل عربات المترو ذاتها أو في حرم المحطات..
لدينا قانون يجرم اختلاس وإهدار المال العام.. وطوال 30 عاما مضت ارتكب
الفاسدون أبشع جرائم إهدار المال العام واستباحوا ممتلكات الدولة وأرضها..
لدينا قانون يجرم استغلال المناصب والنفوذ والتربح.. ومع ذلك شهدت العقود
الثلاثة الماضية أبشع أنواع استغلال النفوذ في الاستيلاء علي المال العام
وعلي أراضي الدولة.
* * *
الحقيقة أننا نعيش تناقضات غريبة.. ولم تكن للقوانين أو الدساتير قيمة
لدينا.. طالما لا نلتزم بالتنفيذ.. ونحن أساتذة في اللباقة ونظم الكلام
والخطابة.. وأساتذة أيضا أن نفعل عكس ما نقول.. ولم تكن أبدا العبرة عندنا
بوجود تشريع من عدمه.. ولكن العبرة بالالتزام بما نقنن وبما نشرع.. ولعل
الدراسة التي أجراها معهد جالوب الأمريكي عن أكثر الشعوب تدينا وشملت حوالي
150 دولة وجاءت مصر الأولي في العالم تدينا وكان السؤال المطروح في كل
الدول.. ماذا يمثل الدين بالنسبة لك؟
وجاءت مصر في المراكز الأولي كأكثر الشعوب تدينا وفي نفس الوقت نحن
أكثر الدول فسادا وأكثر الدول استغلالاً للنفوذ وأكثرها رشوة وأوسعها كذبا
وجريمة.. قمة التناقض.. بل اعجبها وأغربها.
* * *
من هنا اتساءل.. هل قانون التظاهر سيحل مشكلتنا.. وهل قرار حظر
التجول.. يمنع التجول.. وهل نحن في حاجة إلي تشريع أكثر من الموجود.. علما
بأن دستور 71 باستثناء بعض المواد الخاصة بسلطة ومدة الحاكم.. كان شاملا
جامعا.. ومع ذلك في وجوده فعلنا كل شيء عكس بنوده ومواده.. لذلك لم تكن
مشكلتنا أبدا نقص تشريع وإنما نقص التزام.. إننا نفتقد ثقافة الالتزام
الذاتي.. فمعظم دول العالم لا تجد فيها شرطي المرور يقف في منتصف الطريق
يتصدر بصدره فاردا كلتا يديه حتي تقف السيارات في الإشارة إلا لدينا من هنا
فالعبرة لدينا ليس بتشريع قانون للتظاهر بقدر حاجتنا إلي معالجة الأسباب
التي تؤدي إلي التظاهر.. أو التعامل مع المتظاهر لو كان فردا واحدا مثلما
تتعامل حكومات العالم المتحضر.. متظاهر يرفع مظلمة يمكن أن يقيل حكومة لو
لم تبادر بدراسة حالته وحل المشكلة أو مصارحته أمام الرأي العام بأنه ليس
علي حق مثلما يحدث في كل دول العالم.. أما أسلوب تجاهل المتظاهر حتي تتسع
دائرة الاحتجاج إلي قطع طرق وحرق منشآت وقذف المولوتوف فيجب أن ينتهي
فورا.. وعلي الحكومة أن تبادر خلال 24 ساعة أو 48 ساعة في دراسة مشكلة أي
فئة متظاهرة إن كانت علي حق.. لابد أن تأخذه.. وإن كانت ليست علي حق..
تصارح بذلك.. إننا في حاجة إلي ثقافة التظاهر.. وثقافة الاهتمام بصاحب أي
مظلمة فورا.. أكثر من حاجتنا إلي قانون لا ينفذ سواء من المتظاهر أو من
الحكومة.

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

فى انتظارك .......ياقانون

فى انتظارك .......ياقانون

فى انتظارك .......ياقانون :: تعاليق