الثوريه منكم براء

التاريخ يكتبه المنتصرون.. قاعدة ثورية لم تتغير منذ فجر التاريخ، ومن لا
يصدق فليرجع البصر كرتين، ولينظر بعمق أكثر إلى كتب التاريخ الجارى سطرها
الآن.. المشهد ينبئنا بأن تفكيك الثورة قد أوشك أن يكتمل، وأن التحول فى
خطاب الإعلام شبه الرسمى قد بدأ يسترجع أمجاده وصولاته، ويسترد مفرداته
الخطابية من نوعية "العفن الثورى" لوصف ما يجرى فى الشارع المصرى بالتزامن
مع اقتحام الشرطة مدعومة بقوات من الجيش وفريق من النيابة العامة، ١٧
مقراً لفروع منظمات مجتمع مدنى مصرية وأجنبية فى القاهرة والجيزة، والتحفظ
على الموظفين وأجهزة الكمبيوتر تنفيذاً لأمر التفتيش الصادر من قضاة
التحقيق المنتدبين من وزير العدل، فى شأن قضية التمويل الأجنبى، وما يرتبط
بها من جرائم أخرى.. وهو إجراء عصبى استباقى للتوقعات الدائرة بشأن تحريك
الثورة مجدداً فى ذكراها الأولى، لكنه إجراء منقوص تأخر كثيراً ـ من وجهة
نظر البعض ـ إن لم يأت على ذكر الأحزاب السياسية التى خاضت الانتخابات
أيضاً بأجندات مدفوعة الأجر من الخارج.. ملف التمويل الأخطر إن ثبت هو
تزييف إرادة الناخبين لدى كيانات حزبية أصبحت ممثلة بالبرلمان، وهو أيضاً
إن ثبت صحته سوف يعنى بالمتوالية الحسابية أن ما سوف يصدر عنه من تشريعات
مشكوك فى صحتها، ولا يعتد بها مع التذكير بأن "سيد قراره" أصبح عنوانه
الدائم بورتو طره لمن يرغب فى الاستفادة من علمه الغزير فى مثل هذه
المواقف.

حديث التمويل كان دائراً فى كافة الاتجاهات طوال الفترة الماضية، ولم يكن
يستهدف المنظمات الحقوقية وحدها، بل أشار فى مواقف وكتابات صحفية ولقاءات
فضائية إلى تحركات الأحزاب ولدول بعينها، وكان من الطبيعى أن يستثير ذلك
جهات التحقيق لتفتح جميع الملفات بالتساوى، ومن غير المقبول أن يستهدف
التحقيق فريقاً واحداً من المجتمع قد يكون تأثيره فعلاً ماضيا، بينما
الأخطر من هم قادمون إلى المستقبل بأجندات برلمانية وتشريعات دستورية قد
تحمل شبهة تمويل خارجى.. نحن مع فتح الملفات قلباً وقالباً بشرط ألا
يستثنى أحد من نواب الفردى والقوائم والأحزاب والجمعيات، وإن اقتصرت
المعالجة القضائية والقانونية على الجمعيات الحقوقية فإن الشعب الذى خرج
عن بكرة أبيه فى يناير الماضى لن يعجز عن إبقاء الملفات مفتوحة فلم تعد
تجدى معه الطبخات السياسية المسمومة.. الضوابط القانونية فى المجتمعات هى
سيف ينبغى أن يحترم من الجميع، لا أن يجرى فوق رقاب البعض دون البعض
الآخر، القوانين فى الولايات المتحدة ـ المتهم الأول فى ملف التمويل ـ
شديدة الصرامة، والجميع لا يجرؤ على تخطيها، ولجان التحقيق فى حالة انعقاد
دائم للمحاسبة إذا ما تبين أن أى مرشح برلمانى أو رئاسى تلقى أموالاً
تجاوز الحد المسموح به لدعم حملاته الانتخابية، وأجهزة المحاسبة تراقب
بدقة إنفاقه الدعائى منذ اللحظة الأولى لقراره بالانخراط فى العملية
السياسية، وهو ما لم نره يطبق فى أول انتخابات برلمانية مصرية حرة منذ
عقود.

والتحقيق وفتح الملفات لا يعنى بأى حال من الأحوال التشكيك فى نزاهة تيار
سياسى بعينه بقدر ما يرسخ مبدأ قدرة الشعب على تفعيل الرقابة والمحاسبة من
خلال أدواته الرقابية ممثلة فى الصحافة والإعلام وجهات التحقيق القضائية
والشرطية، والأهم من ذلك التيقن من أن الشيطان لا يكمن فى التفاصيل.. وإلا
"فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر "!!

الأحد	الإثنين	الثلاثاء	الأربعاء	الخميس	الجمعة	السبت
			1	2	3	4
5	6	7	8	9	10	11
12	13	14	15	16	17	18
19	20	21	22	23	24	25
26	27	28	29	30	31

الثوريه منكم براء

الثوريه منكم براء

الثوريه منكم براء :: تعاليق